الثلاثاء، 25 يونيو 2013

قطــار الانتظــار...

لا أجمل أن تأتي مبكرا عن موعد رحلتك عبر القطار، بقصد أو بدونه، إن توفرت الصدفة أم لا، قررت أن أصنع لنفسي صدفة ما، استغرب رجل الأمن في البوابة عندما مددت إليه التذكرة مبكرا بقصد الولوج إلى مقاعد الانتظار، المهم أنني جلست هنا في أحد المقاعد، للانتظار، لكن هل أنتظر بالفعل قطار!!!؟؟ أم جئت هنا عنوة بهدف اقتناص صدفة ما؟ أو شيئا جديدا أو لربّما شيئا قديما يتجدد...!!
جلست أحدّق كثيرا في وجوه المسافرين بين ملامح قاسية وأخرى مريحة وإحداها عابثة أو بريئة، تركت لعيناي مجالا لتقرأ الوجوه.. وكم هي ممتعة قراءة الوجوه دون تدخل لسان الكذب وأفعال المراوغة.. كم جميل هو الصمت حينما يتربع على عرش الاستكشاف.. فلا يوقفك حينها استفسار ولا دهشة ولا ارتباك.. الصمت يترك لك مساحة للتفكير ومسافة لحرية التأويل.. بعيدا عن سخافة الكلام.. جلست هنا أمام سكة استهلكتها أعداد من القطارات.. قطارات حملت أنواعا من البشر على اختلافاتهم.. بشرا بأشكال وتقاسيم همومهم.. وفي الجنبات مقاعد للانتظار، تعاقبنا عليها جميعا وما كرهنا شيئا أكثر من الانتظار..! فجميعنا يمل الانتظار.. يذم الانتظار.. أحيانا يسب ذاك الانتظار.. لكن في الحقيقة لا مفر من الانتظار ولا هروب من هذا الانتظار.. وكأن الانتظار شر لابد منه!! جميعنا يدري أنه لا أسوأ من انتظار يتبعه انتظار ومع ذلك نتشبث به.. لأن تشبثنا به هو تشبث بالأمل، في الحقيقة لا نستسيغه ولا نريد فقده، فإذا انتهى الانتظار انتهى الأمل...
أما أنا فمن محطة انتظار إلى أخرى...
وجاء القطار..
واخترت لنفسي المقصورة رقم 8..
جلست هنا في هذه المقصورة.. كم تفاءلت بهذا الرقم.. أقفلت الباب وانتظرت مجددا أن يطرقها الحظ لأفتح له الباب بكل لهفة وشوق.. فقد طال الجفاء بيننا.. جلست في المقعد 25 ثم استبدلته بالمقعد 24.. ثم تخيلت الغائب الحاضر في ذاكرتي موجود أمامي ونتبادل أطراف الحديث، نجلس بكامل سعادتنا.. كم جميل هو الخيال.. وكم هي مضحكة أحلامي البسيطة.. كنت مبتسمة طوال الوقت وكأنها الحقيقة.. جلست مطولا على ذلك الحال.. قبل أن ينطلق القطار.. وإلى أن... إلى أن دخلت أسرة حقيقية ملأت مقاعد أحلامي.. كانت مكونة من أب وأم وطفلة.. إنها أسرة حقيقية ملأت مقاعد أحلامي لأستفيق بابتسامة أكبر.. دائما أحلامي يصفعها الواقع لتستفيق..