الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

لا أعجب من ذلك السيناريو المتكرر في علاقاتنا الاجتماعية...
فقبل التعارف نكون أسيادا وأثناءه نكون أشخاصا وبعد انتهاء المصلحة نصبح أشياءا لِنتحول بعدها لأشلاء تتلاشى شيئا فشيئا من الذاكرة

من سيدي وسيدتي إلى هو وهي ثم ذاك وتلك وبعدها مجرد ذكرى تداعب النسيان




السبت، 28 سبتمبر 2013

أنا لا أفهم لماذا يتعب الناس أنفسهم دائما بالتمني ما أجمل ما تهبه لنا الأقدار من دون عناء حتى في التخيل فواقعنا دائما الأجمل بكل ما فيه ببساطته عفويته وكل التلقائية التي نحياها


الثلاثاء، 25 يونيو 2013

قطــار الانتظــار...

لا أجمل أن تأتي مبكرا عن موعد رحلتك عبر القطار، بقصد أو بدونه، إن توفرت الصدفة أم لا، قررت أن أصنع لنفسي صدفة ما، استغرب رجل الأمن في البوابة عندما مددت إليه التذكرة مبكرا بقصد الولوج إلى مقاعد الانتظار، المهم أنني جلست هنا في أحد المقاعد، للانتظار، لكن هل أنتظر بالفعل قطار!!!؟؟ أم جئت هنا عنوة بهدف اقتناص صدفة ما؟ أو شيئا جديدا أو لربّما شيئا قديما يتجدد...!!
جلست أحدّق كثيرا في وجوه المسافرين بين ملامح قاسية وأخرى مريحة وإحداها عابثة أو بريئة، تركت لعيناي مجالا لتقرأ الوجوه.. وكم هي ممتعة قراءة الوجوه دون تدخل لسان الكذب وأفعال المراوغة.. كم جميل هو الصمت حينما يتربع على عرش الاستكشاف.. فلا يوقفك حينها استفسار ولا دهشة ولا ارتباك.. الصمت يترك لك مساحة للتفكير ومسافة لحرية التأويل.. بعيدا عن سخافة الكلام.. جلست هنا أمام سكة استهلكتها أعداد من القطارات.. قطارات حملت أنواعا من البشر على اختلافاتهم.. بشرا بأشكال وتقاسيم همومهم.. وفي الجنبات مقاعد للانتظار، تعاقبنا عليها جميعا وما كرهنا شيئا أكثر من الانتظار..! فجميعنا يمل الانتظار.. يذم الانتظار.. أحيانا يسب ذاك الانتظار.. لكن في الحقيقة لا مفر من الانتظار ولا هروب من هذا الانتظار.. وكأن الانتظار شر لابد منه!! جميعنا يدري أنه لا أسوأ من انتظار يتبعه انتظار ومع ذلك نتشبث به.. لأن تشبثنا به هو تشبث بالأمل، في الحقيقة لا نستسيغه ولا نريد فقده، فإذا انتهى الانتظار انتهى الأمل...
أما أنا فمن محطة انتظار إلى أخرى...
وجاء القطار..
واخترت لنفسي المقصورة رقم 8..
جلست هنا في هذه المقصورة.. كم تفاءلت بهذا الرقم.. أقفلت الباب وانتظرت مجددا أن يطرقها الحظ لأفتح له الباب بكل لهفة وشوق.. فقد طال الجفاء بيننا.. جلست في المقعد 25 ثم استبدلته بالمقعد 24.. ثم تخيلت الغائب الحاضر في ذاكرتي موجود أمامي ونتبادل أطراف الحديث، نجلس بكامل سعادتنا.. كم جميل هو الخيال.. وكم هي مضحكة أحلامي البسيطة.. كنت مبتسمة طوال الوقت وكأنها الحقيقة.. جلست مطولا على ذلك الحال.. قبل أن ينطلق القطار.. وإلى أن... إلى أن دخلت أسرة حقيقية ملأت مقاعد أحلامي.. كانت مكونة من أب وأم وطفلة.. إنها أسرة حقيقية ملأت مقاعد أحلامي لأستفيق بابتسامة أكبر.. دائما أحلامي يصفعها الواقع لتستفيق..





الأربعاء، 20 يونيو 2012

إلى من يسألون متى تكون الوحدة العربية؟

أجيبهم: عندما لا يكون هناك ما يسمى وطنـك ووطنـي ووطنهم... عندما نحب أوطان غيرنا بالضبط كما نحب وطننا ... ونقدر مجهودات غيرنا بنفس القيمة التي نثمن بها مجهوداتنا ... عندما نستبدل كلمة "وطن" بكلمة "أمة" ... فهذا أبلغ لغويا، أصلح سياسيا، أنفع اقتصاديا، أذكى استراتيجيا، أقوى فكريا، أفضل دينيا، أسلم أمنيا، أجمل روحيا ولأن روح العروبة واحدة لا تتجزأ، عندما نـتـرفّـع جميعا عن أنانيتنا المنحصرة بين حدود دويلاتنا .. عندما نتوقف عن تبادل الاتهامات والادعاءات... عندما لا نتصادم إعلاميا ونترامى الشتائم والمسبات لمجرد مباراة أو برنامجا للهواة...
عندما لا نُلبس بلداننا ثوب النقاء ونتهم بلدان غيرنا بالفساد.. وعندما نجرأ على الاعتراف بأن الفقر والجهل وفساد السياسة وتخبط الاقتصاد والانزلاق الأخلاقي والتشدد في الدين لدرجة التطرف والانفتاح والتساهل فيه لدرجة التخلف هي سمات مشتركة بين بلدك وبلدي وبلدانهم..
عندما نعلم أننا لسنا أضدادا بل جميعنا لبعضنا مترادفات .. لا أحد فينا "كلّ" بل جميعنا أجزاء لن تجمعنا سوى كلمة "أمة"
فكم جميل أن تحب وطنك على ذلك القدر لكن الأجمل أن تمسح الحدود بمحبة أكبر وأعظم... فنحن خلقنا لنكمل بعضنا البعض.. ولن تقوم لنا قائمة إلا بالاجتماع على كلمة الحق "لا إله إلا الله"
وكلمة الحق يلزمها الأخوة في الدين، والدين لله، والأخوة لا تكتمل وأنت ترى نفسك مسلما أكثر مني أو أن أرى أنني مسلمة أكثر من غيري، فقط لأن بلدي أو بلدك بعيدة قليلا عن الكعبة أو القدس بأميال... هنا المسافات ليس لها الكلمة العليا فسيدنا "آدم" كان بالجنة قريبا من الله وعندما أنزل للأرض ظل قريبا من رب العالمين.. فلا المسافات ولا الأمكنة تغير في الأمور شيئا بل فقط العقول والفكر من لديه الحكم الأخير في الاجتماع أو التفرقة، والقرب والبعد هو اختيار من يقوم به ليس الحاكم ولا القانون بل الشعوب وآراءنا الجاهلية المتفرقة المجحفة في حق الآخرين..
كفانا خداعا لأنفسنا باتهام الحكام والسياسات والقوانين بأنهم سبب التفرقة، فأنا وأنتم نعلم أحكامنا المسبقة على بلدان غيرنا بما فيهم الشعوب! ما رأيكم ببعض الجمل المستعملة في تعاملاتنا العربية:
"ذلك البلد مليء بالمال لكن أيضا مليء بالأغبياء"
"ذلك الشعب في منتهى الدهاء لكن مرتع للفساد"
"تلك الدولة تكثر الكلام عن حضارتها الغابرة ولكن إلى اليوم لم نرى منهم سوى الثرثرة"
"بلد السحر" "بلد العاهرات" "بلد الأغبياء" "بلد عديمي الرجولة" "بلد الانحلال" "بلد قليلي الشرف" "بلد الجوع"...... إلخ
هلا خجلنا قليلا من أنفسنا أيها العرب، بلدان غيرنا ليس فيها شيء يستحق المديح؟؟
فجميعنا ندري جيدا أن بلدك وبلدي وبلدهم، فيهم الفساد والانحلال إن لم يكن معلنا فمخبئا بين المسكوت عنه وإعلام أتقن فن الصمت عليه...
وجميعنا شعوب لا ينقصها ذكاء ولا دهاء فقط ينقصها حسن تدبير لتلك الإمكانيات الفكرية وإعادة تشغيلها في ما ينفع ولا يضر.. إن كانت بلدي لها تاريخ مليء بالمجد فجميع البلدان لها تواريخ ملأى بالأمجاد، والمهم هو الحاضر هل سنبدد ما تبقى للعروبة من ماء الوجه في تبادل الاتهامات؟ أم سننصرف عن جهلنا وقلة الحيلة ولعب دور الضحية وندب الحظ إلى ما هو أسمى بتقدير الآخر تماما كما نقدر ما يخصنا وندافع عنه؟
فالله جعلنا متفرقين في الإمكانيات لنكمل بعضنا البعض حتى إذا ما اجتمعت إمكانيات بلداننا المادية مع إمكانيات بلداننا الفكرية والطبيعية والاستراتيجية شكلنا ما نعتبره إلى اليوم حلما بعيد المنال (أي شكلنا أمة واحدة).
فغريب أن تستطيع إسرائيل جمع بقايا اليهود من جميع أنحاء العالم بثقافاتهم المختلفة ولغاتهم المختلفة وعاداتهم المختلفة لتصنع منهم دولة يهابها الجميع...
ونحن يجمعنا الدين واللغة والعادات والتقاليد وقرب المسافات ولا نزال نتخبط في حلم عربي نسميه بالمستحيل..
من لم يقتنع بأن الوحدة أصبحت واجبة فليعش آلافا أخرى من السنين بين صراعات طائفية وأخرى عربية ليعلم أنهم أتقنوا بنا اللعبة وأفلحوا !! وخوفي شديد من أن يظلوا مفلحين !!

وأقول هل نستطيع؟ أن نذيب جليد التواصل، ونزيح غيوم الأحكام المسبقة، ونخرق حدود المحبة لتسعنا جميعا، من دون تسويفات ولا لوم ولا إلصاق المزيد من التهم المفبركة للغير، ونحرق الغرور فينا بأننا الأفضل دائما وغيرنا الأدنى وشأنه أقل؟؟ 

السبت، 9 يونيو 2012

بائعتـان متجولتـان ...


أتذكر أن الفصل  كان صيفا حينما انضممت لإحدى الشركات كي أعمل لديها كمندوبة مبيعات أو بالمعنى الأصح للكلمة كبائعة متجولة، في مدينة أزورها لأول مرة، لم أكن أتوقع يوما أنني سأضطر لممارسة هذا العمل بالذات، فأنا بطبعي هادئة جدا وصامتة عندما يتعلق الأمر في التعامل المباشر مع الغرباء، ومرت أيام وأنا أتجول بتلك المدينة مع زميلاتي البائعات بين شوارعها الفخمة وأزقتها الضيقة، بين أحياء راقية وأخرى جد مهمشة، فجذبني التجوال بين ملامح السكان المتنوعة وردود أفعال مختلفة أمام ما نعرضه عليهم من بضاعة، تلك البضاعة التي كانت أشبه بسخافة، حيث كانت حقائبنا الضخمة التي بالكاد تحملها أجسادنا النحيلة محملة ببعض العطور وأدوات الزينة وأنواع من معاجين الأسنان وغيرها من المنتجات المستهلكة والعادية جدا التي كان السوق غارقا بها في تلك الأيام، بل أكثر من ذلك حتى المستهلك ملَّ منها من كثرة ما صادفها في جميع الأسواق، المضحك في الأمر أن تلك المدينة بالذات التي وجهتنا إليها الشركة كانت إحدى مدن الشمال المعروفة باستيرادها لأجود أنواع المنتجات من جارتنا إسبانيا، أي أننا كنا أشبه بالمهرجات حينما نستوقف إحدى السيدات لنعرض عليها ما لدينا فتسألنا عن الثمن وهي تضحك، ومعهن حق، فأنا أيضا كنتُ أجد الأمر مضحكا جدا ، لقد كنا كمن يبيع حصيرة من القش متآكلة في سوق السجاد الفاخر...
كنا كل يوم نخرج للبيع ونعود بخفي حنين كما يقال، إلا في حالة إذا ما جاملتنا إحدى السيدات الميسورات أو أشفق علينا أحد المارة  وابتاع شيئا مما نعرضه، فرأيت أنه حان الوقت لتظهر مواهبي الخفية في الإقناع، فوضعت خطة للتجارة الناجحة، حملت بيدي مذكرة أسجل بها أسماء المشترين مدعية أنهم على موعد مع قرعة في نهاية كل شهر يكسبون من خلالها جوائز رمزية تقدمها لهم شركتنا احتفاءا بعيدها التأسيسي العشرين بما أن المنتجات كانت قديمة، كان هذا الحل الأسلم في ظروفٍ كتلك، حتى لا نموت جوعا ونصبح بدون مأوى في مدينة غريبة....
وفي إحدى المرات ونحن مارين من أحد الأحياء الشعبية نحاول إقناع المارة بجودة منتجاتنا الخارقة كالعادة، أطلت علينا إحدى السيدات من باب بيتها مبتسمة، بعد سماعها لضجيجنا بالقرب وإحدى الفتيات تساومنا على ثمن زجاجة عطر، فضول تلك السيدة وهي تحدق بي بشكل خاص جعلها تشير إلي بيدها وتناديني لأقترب من باب ذلك المنزل الصغير الذي تقطنه وتبعتني بقية الصديقات، ثم أشارت إلي مرة أخرى بالدخول، أذكر أنها كانت تقوم بقلي السمك في باحة صغيرة عند مدخل المنزل، ترددت في الدخول وقتها فسارعت إلى دعوة الفتاتين التي ترافقاني بالدخول أيضا فتبدد ترددي وقتها، ليس لشيء سوى لأن علامات الشقاء هذه المرسومة على وجهها الذي تعلوه ابتسامة ذكرتني بأمي،  فوجدت السيدة قريبة من القلب كانت بجوارها فتاة صغيرة يجلسان كلتاهما على كراسي بلاستيكية صغيرة وكان البيت متواضعا جدا مقابل ذلك الكرم الكبير البادي عليهم، فبمجرد أن وطأت أرجلنا باب ذلك المنزل تسارعت أيديها لصب العصير وتقديمه لنا، كانت علامات الدهشة بادية على وجوهنا، لكن لطافة تلك السيدة وترحيبها بنا بتلك الطريقة رغم عدم معرفتها المسبقة لنا، كان له تفسير واحد فهي حاولت إنقاذنا من تلك الحرارة المفرطة في ذلك اليوم، فدعتنا لأن نرتاح قليلا في باحتها الصغيرة برحابة صدر كبيرة، أو هذا ما ظننته في الوهلة الأولى، تلك المرأة وهي تتبادل معنا أطراف الحديث كانت تركز نظرها علي بالذات، ثم همست بصوت خافت إلى حد ما لابنتها الصغيرة بأن توقظ أختها الكبرى من أجل أن تشتري شيئا مما نعرضه للبيع، دخلت الطفلة إلى غرفة مقابلة، وكان من الواضح أنها الغرفة الوحيدة بالمنزل كله، مرت لحظات وعادت الطفلة عند أمها لتهمس في أذنها بكلمات، نظرت إلي الأم مرة أخرى، وقالت: ادخل عندها فهي لازالت ممددة في سريرها، وقفت وقمت بإطلالة صغيرة -بشيء من الحذر- من باب الغرفة، حدقت مطولا بالمكان، كانت الغرفة صغيرة جدا ومرتبة بها بعض صور قديمة لممثلين وممثلات هنديات معلقة على الحائط، ذكرتني بالغرفة التي كنا نقطنها آنذاك أنا وأسرتي، حيث كنا جميعا نتراكم أنا وأبي وأمي وأخواتي الخمسة بغرفة بنفس الحجم فوق السطح، هذا إذا لم يفاجئنا الضيوف بكرمهم في الحضور المباغت -دون سابق إنذار-، إلى اليوم لم أدر كيف كانت مساحة تلك الغرفة الصغيرة تكفينا جميعا، لكن ربما كان حجم قلوبنا أكبر من الغرفة ذاتها وجرعة قوة التحمل أخذناها باكرا في الصغر...
بعد ما جالت أعيني أركان غرفة تلك المرأة فضولا، وقع نظري على الفتاة الشابة الممدة على سرير بالكاد تحاول الاستيقاظ من النوم، أطلت النظر ودخلت بتثاقل فبدت الصورة أكثر وضوحا، اقتربت منها لأرى ملامحها بشكل أوضح، لفت انتباهي ابتسامتها التي تشرق قبل أن تفتح عينيها، فاستغربت الأمر لأنني أستفيق بنفس الطريقة أفتح ابتسامة لاستقبال النهار أيا كان لونه قبل أن أفتح عيناي، ثم بعدها فتحت تلك الفتاة عينيها، فزاد ذهولي أكثر نظرنا إلي بعضنا وكأننا ننظر في مرآة الزمن، غير طريقة الاستيقاظ ولون البشرة الخمري، غير السمار الذي نشترك فيه ولون الشعر، فتحت تلك العينان اللوزيتان المتسعتان فوجدت فيهما نفسي، ذلك البريق الخادع الذي يأسر، ما هو في الحقيقة إلا دمعة عالقة من قسوة الزمن، لن يستطيع قراءتها سواي لأنني أمتلك توأمها، نظرنا إلى بعضنا لحظات، وكلانا سكت عندها الكلام، فقدنا لغة النطق في صدفة غريبة جمعتني بنسختي، حاولنا أن ننطق عدة مرات وسكتنا، فأشارت إلي بعينيها بسؤال بصري يعني: ماذا في الحقيبة، فوجدتني أخرج بيدي معجونا للأسنان بتلقائية وأمده لها، مدت هي كذلك يديها إلى حقيبتها الصغيرة اللامعة بجانب الوسادة فتحتها لتخرج النقود فوقعت منها علبة السجائر !!! 
نعم وقعت السجائر على الأرض ووقعت عليها عيناي، فرفعت عيناي أحتار أين أضع نظري بعدها، وكأن المشهد اكتمل، من قصة كنتُ ألملمها من مظهر الفتاة وواقعها، أخرجت الشابة يدها من حقيبتها الممتلئة بالنقود، مدت إلي أكثر مما يستحق ثمن معجون الأسنان ذاك، حتى أنها لم تسألني عن ثمنه، فهمت أكثر، كان واضحا أنها ممن ينامون نهارا يستفيقون ليلا، حتى أنها لازلت بملابس ليلة مضت، كل ما يحيط بها كان دليلا على ذلك، كلتانا كنا بائعتان متجولتان، هي كانت تبيع جسدها ليلا، وأنا كنت أبيع أحلامي نهارا وأبيع الأوهام للجميع ...
لا عجب إذن في هذا التشابه، فبيع الجسد وبيع الأحلام لهما نفس القسوة على النفس، فأنا منذ الطفولة الكل يتوقع لي الأفضل، ويتوسمون في مستقبلي خير، من جدي وأمي للمدرسين، الكل تنبأ بنابغة ومهنة أفضل، لكن يومها وقعت تنبؤاتهم في فخ الظروف، فخابت الظنون، أما  فتاتنا هذه اختارت الطريق الأصعب والأشد إيلاما، فتلك الرهافة التي تحملها بعينيها وجدتُ بها نفسي ومن تملك تلك النظرة يصعب عليها بيع قلبها فكيف بجسدها كاملا، أنا لم أستطيع أن أفكر حتى في الاشمئزاز، فأنا أعلم جيدا ماذا يعني مسؤولية أسرة كاملة برقبة فتاة وحدها، كان بيتها خاليا من كلمة أب، أما بيتنا كان به أب وخاليا من الأبوة ! فقرأتها السلام ناوية الذهاب، ففاجأتني بسؤال: لماذا لم تعطني كل المنتجات لأختار؟ لما اخترتِ بالضبط معجون أسنان؟ 
كان جوابي: كنت أتأملك  قبل أن تفتحي عينيك، فوجدتك غير مزينة بمساحيق ولا حتى أثرا لأحمر شفاه، وكنتِ لا تزالين بملابس ليلة الأمس ولم أشم بغرفتكم رائحة عطر، لكن كان أهم شيء تستعملينه هو الابتسامة فكانت أسنانك شديدة البياض فعلمت أنك مثلي تماما، من الذين يركزون على بياض ابتسامتهم ليمسحوا بها سوداوية الحياة ...!

واليوم بعد مرور أربعة عشر سنة عن حدوث تلك القصة لازلت أتذكر ملامح تلك الفتاة وأتساءل: لما استعملتني أمها لترسل رسالة قاسية لابنتها !!؟ رسالة أنه مهما كانت الصعوبة هناك حلول أخرى غير بيع الأجساد ! مع أنه كان بإمكانها النصح مباشرة فلا أظن تلك المتمزقة البريئة كانت تستمتع بما تفعل !!!



الجمعة، 1 يونيو 2012

أحيانا تكون أمانينا بسيطة جدا .. وأحلامنا أصغر من أن يراها الآخرون .. ونرضى بالقليل كيفما كان !
ومع ذلك نُحْرَم الابتسامة وطريق السعادة يبدوا بعيدا وشاقا ...
أتُراها بساطتنا باتت عائقا  وسلاسة طموحاتنا الغير عالية صارت ذُلاً شائكا ..
وهل علينا أن تخالطنا الصعوبة ونصبح أبطالا للمستحيل حتى يعلم الآخر قيمتنا!!!


الخميس، 31 مايو 2012

إلى الوفيان ورقتي وقلمي..

هناك أوقات يطول فيها الحديث مع النفس وتجد القلم أبلغ تعبيرا من اللسان والورقة أقرب رفيق من الإنسان ... 
فعلى الأقل قلمي وفي عز انفعاله لن توقفه دمعة متسللة تعلن العصيان كما تسكت فينا الشفاه...
والورقة مهما حملت من أثقال حزني لن تتدمر ولن تشكوا ولن تؤول كلماتي إلى غير مقصدها ولن ترميني بتعليق جليدي يضيف حزنا إلى حزني...
فعندما ينشغل الجميع والمضحك أنهم دائما ينشغلون وقت حاجتنا إليهم  !! يؤكد القلم والورقة وفاءهما المتجدد !!