الأربعاء، 20 يونيو 2012

إلى من يسألون متى تكون الوحدة العربية؟

أجيبهم: عندما لا يكون هناك ما يسمى وطنـك ووطنـي ووطنهم... عندما نحب أوطان غيرنا بالضبط كما نحب وطننا ... ونقدر مجهودات غيرنا بنفس القيمة التي نثمن بها مجهوداتنا ... عندما نستبدل كلمة "وطن" بكلمة "أمة" ... فهذا أبلغ لغويا، أصلح سياسيا، أنفع اقتصاديا، أذكى استراتيجيا، أقوى فكريا، أفضل دينيا، أسلم أمنيا، أجمل روحيا ولأن روح العروبة واحدة لا تتجزأ، عندما نـتـرفّـع جميعا عن أنانيتنا المنحصرة بين حدود دويلاتنا .. عندما نتوقف عن تبادل الاتهامات والادعاءات... عندما لا نتصادم إعلاميا ونترامى الشتائم والمسبات لمجرد مباراة أو برنامجا للهواة...
عندما لا نُلبس بلداننا ثوب النقاء ونتهم بلدان غيرنا بالفساد.. وعندما نجرأ على الاعتراف بأن الفقر والجهل وفساد السياسة وتخبط الاقتصاد والانزلاق الأخلاقي والتشدد في الدين لدرجة التطرف والانفتاح والتساهل فيه لدرجة التخلف هي سمات مشتركة بين بلدك وبلدي وبلدانهم..
عندما نعلم أننا لسنا أضدادا بل جميعنا لبعضنا مترادفات .. لا أحد فينا "كلّ" بل جميعنا أجزاء لن تجمعنا سوى كلمة "أمة"
فكم جميل أن تحب وطنك على ذلك القدر لكن الأجمل أن تمسح الحدود بمحبة أكبر وأعظم... فنحن خلقنا لنكمل بعضنا البعض.. ولن تقوم لنا قائمة إلا بالاجتماع على كلمة الحق "لا إله إلا الله"
وكلمة الحق يلزمها الأخوة في الدين، والدين لله، والأخوة لا تكتمل وأنت ترى نفسك مسلما أكثر مني أو أن أرى أنني مسلمة أكثر من غيري، فقط لأن بلدي أو بلدك بعيدة قليلا عن الكعبة أو القدس بأميال... هنا المسافات ليس لها الكلمة العليا فسيدنا "آدم" كان بالجنة قريبا من الله وعندما أنزل للأرض ظل قريبا من رب العالمين.. فلا المسافات ولا الأمكنة تغير في الأمور شيئا بل فقط العقول والفكر من لديه الحكم الأخير في الاجتماع أو التفرقة، والقرب والبعد هو اختيار من يقوم به ليس الحاكم ولا القانون بل الشعوب وآراءنا الجاهلية المتفرقة المجحفة في حق الآخرين..
كفانا خداعا لأنفسنا باتهام الحكام والسياسات والقوانين بأنهم سبب التفرقة، فأنا وأنتم نعلم أحكامنا المسبقة على بلدان غيرنا بما فيهم الشعوب! ما رأيكم ببعض الجمل المستعملة في تعاملاتنا العربية:
"ذلك البلد مليء بالمال لكن أيضا مليء بالأغبياء"
"ذلك الشعب في منتهى الدهاء لكن مرتع للفساد"
"تلك الدولة تكثر الكلام عن حضارتها الغابرة ولكن إلى اليوم لم نرى منهم سوى الثرثرة"
"بلد السحر" "بلد العاهرات" "بلد الأغبياء" "بلد عديمي الرجولة" "بلد الانحلال" "بلد قليلي الشرف" "بلد الجوع"...... إلخ
هلا خجلنا قليلا من أنفسنا أيها العرب، بلدان غيرنا ليس فيها شيء يستحق المديح؟؟
فجميعنا ندري جيدا أن بلدك وبلدي وبلدهم، فيهم الفساد والانحلال إن لم يكن معلنا فمخبئا بين المسكوت عنه وإعلام أتقن فن الصمت عليه...
وجميعنا شعوب لا ينقصها ذكاء ولا دهاء فقط ينقصها حسن تدبير لتلك الإمكانيات الفكرية وإعادة تشغيلها في ما ينفع ولا يضر.. إن كانت بلدي لها تاريخ مليء بالمجد فجميع البلدان لها تواريخ ملأى بالأمجاد، والمهم هو الحاضر هل سنبدد ما تبقى للعروبة من ماء الوجه في تبادل الاتهامات؟ أم سننصرف عن جهلنا وقلة الحيلة ولعب دور الضحية وندب الحظ إلى ما هو أسمى بتقدير الآخر تماما كما نقدر ما يخصنا وندافع عنه؟
فالله جعلنا متفرقين في الإمكانيات لنكمل بعضنا البعض حتى إذا ما اجتمعت إمكانيات بلداننا المادية مع إمكانيات بلداننا الفكرية والطبيعية والاستراتيجية شكلنا ما نعتبره إلى اليوم حلما بعيد المنال (أي شكلنا أمة واحدة).
فغريب أن تستطيع إسرائيل جمع بقايا اليهود من جميع أنحاء العالم بثقافاتهم المختلفة ولغاتهم المختلفة وعاداتهم المختلفة لتصنع منهم دولة يهابها الجميع...
ونحن يجمعنا الدين واللغة والعادات والتقاليد وقرب المسافات ولا نزال نتخبط في حلم عربي نسميه بالمستحيل..
من لم يقتنع بأن الوحدة أصبحت واجبة فليعش آلافا أخرى من السنين بين صراعات طائفية وأخرى عربية ليعلم أنهم أتقنوا بنا اللعبة وأفلحوا !! وخوفي شديد من أن يظلوا مفلحين !!

وأقول هل نستطيع؟ أن نذيب جليد التواصل، ونزيح غيوم الأحكام المسبقة، ونخرق حدود المحبة لتسعنا جميعا، من دون تسويفات ولا لوم ولا إلصاق المزيد من التهم المفبركة للغير، ونحرق الغرور فينا بأننا الأفضل دائما وغيرنا الأدنى وشأنه أقل؟؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق