الاثنين، 5 سبتمبر 2011

قالت شهرزاد

قالت شهرزاد:
يُحْكَى سيدي أنه في مكان غير بعيد عن هذه البلاد
كان هنالك للطيبين قريب وللظالمين أكثر من بعيد
قال شهريار: ومن هو؟
قالت: أشد قوة من عنتر بن شداد
وأكثر فراسة من طارق بن زياد
يحسب له ألف حساب 
لا يَهَابُ معركة أو جهاد
فقال: إذن كيف هو؟
قالت: لا يُعرف له لون فهو عند البعض بياض
وعند آخرين شديد السواد
ليس بقصير ولا بطويل
لكنه يُفْحِم الرجال الشداد

احتار شهريار في أمره: أتراه ملكا من الملوك؟
وحش كهذا ربما جيوشه على الحدود...
فاسترسل قائلا: وهل هو ملك؟
قالت: ليس بملك ولا له علاقة بالمملكة ولا الإمارة
لا يضع قوانينا ولا يُوَقِّع عهود

فتنفس الصعداء بعد أن حمد الله وشكره
فليس له من منافس ولا هو بتهديده مبارز
ثم قال: أَمَا وأنه ليس بملك فليكن كائن من كان
أكملي!
ضحكت ثم قالت:
وهل الخشية من الأمراء والملوك
أو من الفرسان والقياد

عادت الحيرة إلى محياه مجددا
فسألها: وهل هو فارس من الجيش
قالت: هو فارس لكنه لا يمسك بسيف
فبعض الفرسان بقلمهم يبارزون
لا يخافون ولا يرتعبون في الظلام 
وأيضا في واضح النهار
لا الرماية هوايتهم ولا المسايفة همهم

قال: إذن هو كاتب أو شاعر
قالت: ليس بكاتب ولا شاعر 
لكن له صيت وداع 
كأشعة الشمس جلي لا يختفي

تلعتم يهمس: من ذا المهاجر 
الذي فاقني شهرة فلربما شعبي له مناصر
قال: وهل يصدقه الناس
قالت: مجبرين وطائعين 
يقدمون له الولاء راكعين وساجدين
ومن حاد عنه أخذه الضياع
وللهلاك هو مباع

صاح الملك: أما قلتي أنه ليس بملك
قالت: وأنا عند كلامي ومن قال أنه ملك

قال: أما قلتي أن الناس له طائعين راكعين وساجدين
قالت: وهل الركوع والسجود للملك

قال متعجبا: وهل هناك من هو أكثر من الملك
قالت: طبعا وأكثر بل أكيد

ثار غضبه ونادى بصوته الجهوري: أين السياف
قالت: وهل ينزل السيف على رقبتي إلا بإذنه

زاد غضبه وقال: وهل تظنين أنني مشاوره في أمري
قالت: أنتَ لا تستطيع شيئا إلا بإذنه

اشتدت ثورته: وأخذ السيف من يد السياف ويده ترتجف
فقالت: وأظنه هو من جعل يدك ترتجف 

قال: ألم تري أن وقاحتك قد زادت
قالت: عفوا فهو من جعلني أتحدث وجعل لساني به وله لا يصمت

قال: ألم يحن الوقت أن تقري وتعترفي من حرضك وجعلك بهذا الحديث تتفوهي
قالت: أَلِحَدِّ الآن لم تعرفه وهو باد أمامك لم ينمحي

قال: انطقي قبل أن يّفصل رأسك
قالت: لن يفصل ما دام في حضرته

وفي قمة غضبه: قال لولا أني أقسمت أني لن أدرف دما إلا بالحق لكنتِ هنا قتيلة
قالت ألم أقل لك أنك لن تستطيع بدونه أن تفعل شيء
قال: ومن يكون؟
قالت: الحق
فهو فقط من يخشى ويهابه الجميع
ملوكا وأمراء وشعوبا وأمما ولا يخفى عنه صنيع

ابتسم بغيظ
وقال: صدقتِ لكن ألم يكن بإمكانك اختصاره بجملة
واختصار غضبي بذلك
قالت: وكيف يكون الحق إذا لم يغضب الغاضبون
ويستسلم له الثائرون

وأراني أسمع أن الديكة صائحون
وعن الكلام المباح نحن ساكتون

فأجاب مبتسما: لكن طال الأمر أو قصر أرانا أنه يوما ما للسيوف نحن مستعملون 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق