الأربعاء، 2 مايو 2012

 أنــا الســــبــــب ...

عندما نتحدث عن مشاكل بلداننا، عن التدهور الذي تعيشه مجتمعاتنا غالبا ما نلوم الحاكم، الحكومة، القوانين، الدول الآخرى ..... إلخ
فالحاكم ظالم، متسلط، يستنزف خيرات البلد، خائن، مستبد بالسلطة..... إلخ
والحكومة متكاسلة، متهاونة، تفضل المصالح الخاصة للنواب والوزراء على مصالح الشعوب، حكومة بدون مخططات ولا أهداف لا على المدى القريب ولا البعيد ....إلخ
أما القوانين فهي ظالمة، مجحفة، غير عادلة، قوانين فارغة من مصالح الشعوب، قوانين طاغية.....
 

الأغرب في الأمر أن لا أحد منا أبدا يتحدث عن نفسه ويقول:
أنا مواطن متهاون اتجاه بلدي، أنا مواطن كسول، أنا متخاذل، أنا لم أطور من نفسي شيئا لأخدم هذا البلد، أنا لم أتفوق في دراستي لأشرف هذا البلد، أنا لم أتخصص في شيء محدد لأميز بلدي، أنا لم أتقن عملي لأكون فخرا لبلدي ....

فالدولة، البلاد، الوطن، ليس فيه فقط الطريق الغير معبدة، المباني الآيلة للسقوط، ليس فيه فقط معتقلين مظلومين، ولا جوع فقط ولا فقر فقط ولا فساد سياسي واقتصادي لا غير ...
بل بلداننا لديها من النكسات ما يندى لها الجبين والسبب فيها المواطن نفسه وليس غيره ..
فيها غش ... من يقوم به؟؟ المواطن
فيها قلة الجودة في الإنتاج.. من يتحمل مسؤوليتها؟؟ صاحب المصنع، مراقب المصنع، العامل داخل المصنع الذي هو في النهاية مواطن
فيها أيضا تخريب الممتلكات العامة (مرافق عمومية، محطات الحافلات والحافلات، الحدائق، الملاعب) ... من يقوم بذلك؟؟ المواطن
تهاون العامل والموظف في تأدية عمله على أكمل وجه وكأنه بمجرد أن يضمن أجر العمل لا يعد لديه اهتمام بجودة العمل المطلوب منه فهو في كل الأحوال سيتقاضى نفس الأجر على ذلك العمل... وبالتالي هو تحصيل حاصل فما أهمية الجودة فيما يقدمه إن كان في كل الأحوال سيحصل على تلك الأجرة...
تخاذل التلميذ والطالب في التحصيل العلمي ... وسيتحدث هنا الجميع عن فساد التعليم والمقررات والمخططات التعليمية المتأخرة لكن لا أحد سيذكر أن حتى هذا القليل الذي تقدمه الدولة الأغلبية لا تريد الاستفادة منه وإلا كيف سنفسر ظهور نوابغ وعلماء ومخترعين ومتفوقين في اختصاصات تفخر بلداننا بهم مع أنهم تلقوا نفس التعليم في نفس البلدان.. وفي نفس الظروف؟؟؟؟
نقطة أخرى أود الإشارة إليها وهي لغة التضامن المفقودة بيننا كأفراد من نفس الشعب!! مع العلم أكثر شيء يحثنا عليه ديننا هو التآزر، التآخي، التضامن!!! لازلت لا أدري لماذا ننتظر دائما دور الدولة لماذا لا نحاول القيام ولو بالقليل من الجهد بما لدينا من قليل الإمكانيات لإنقاذ القليل المتبقي من كرامة الوجه.. إطعام بعض الجياع.. إلباس بعض الفقراء ولو من ملابسنا القديمة.. شراء بعض الكتب لمن يحتاج ونراه أقل منا ماديا.. أليست هذه هي الصَّدقَة المطالبين بها؟؟؟ دعونا من تلك الصدقة في يوم جمعة ونحن خارجين من مسجد حيث نتذكر أحيانا أن نسكت شخصا يمد يده جالسا بالزاوية!!!
أنا أتكلم عن الصدقة الحقيقية : وهي إعطاء حاجة إلى محتاج وقت حاجته الملحَة إليها (حسب رأيي المتواضع)
بعض من نقودنا التي نوفرها لأنفسنا لقضاء العطلة أو لشراء ملابس مناسبة خاصة (وطبعا لا أتحدث عن الطبقة البرجوازية) بل عن طبقتنا المتوسطة فقط أو الشبه متوسطة -التي ننتمي إليها نحن أغلبية الشعوب التي هي عند البعض طبقة فقيرة أيضا إنما هي أفضل من غيرها- حتى لا تكون المطالب تعجز الأغلبية

هذه الروح.. روح البناء.. روح تشييد احلامنا وتحويلها واقعا دون انتظار تغيير الحاكم، تغيير الحكومة، تغيير القوانين.. هذه الروح لا تحتاج سوى تغيير العقلية التي يتآكلها الصدأ .. وصنع الكثير من القليل الذي لدينا لأنه ليس بمستحيل

وصدقوني حتى لو تغير الحاكم والحكومة والقانون.. إن بقيت هذه العقلية القديمة.. عقلية الاتّكالية .. تأجيل الفعل والاكتفاء بالقول وتسطير الأحلام... إن ظللنا هكذا سوف لن يفيدنا حتى بعث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فينا من جديد رغم عدله، لأن في عهد عمر كانت هناك أمة يشغلها الإيمان ونصرة الإسلام، أي أمة لديها هدف وتستميت لتحقيق ذاك الهدف، لأن الحاكم الجيد يلزمه أيضا شعب متفتح يريد ويرغب ويعمل ويجدّ ويعطي كثيرا لبلده قبل أن يطالب بحقوقه ليتنا نتذكر أن لدينا واجبات !!!! ويا حبذا لو نبدأ من أنفسنا دائما قبل لوم الغير لأن ما نحن فيه منذ سنوات نحن من صنعناه.... فنحن من انتخبنا الرئيس وصنعنا من الحاكم طاغية بكثرة السكوت.. نحن انتخبنا الحكومات ومنا الكثير من قبل بالرشوة من أجل التصويت.. ومنا من رفض التصويت وكأن السكوت سيغير كل شيء.. ومنا من شغل منصبا بوساطة .. وأخذ وظيفة كان غيره أحق بها منه.. ومنا من تنازل وقت اللاتنازل .. ومنا من حصل على نتيجة متفوقة في امتحان لمجرد أن لديه من الأقارب من مارس سلطته على الآخرين ... ومنا من اكتفى بما لديه في حين أن له كل القدرة بأن يتقدم أكثر في تعليمه في عمله في حياته في تقديم خدماته لوطنه...

إن اعترفنا ولو مرة أننا .. أنت وأنا وهو ... السبب يمكن حينئذ أن نأمل في شيء اسمه التغيير !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق