الأحد، 5 يونيو 2011

بين القصر والقبر

هو حرف واحد يتغير به المعنى والوضع، ويتحول كل شيء في لحظات إلى لا شيء، رغم أن كلمتا قصر وقبر يتضادان في المطلق، في الحجم والشكل والمضمون والوصف، لكن يبقى أصحاب القصور رافضين فكرة أنهم للقبور زائرين لا محالة، مهما طال الزمان واختلف المكان، فعزرائيل يستطيع الوصول إلى الأسوار العالية والقبب الفخمة حالها حال أي كوخ في قرية تخلو من أقل أساسيات الحياة لن نقول برفاهية على الأقل الحياة البسيطة، يعز علي أن أقول أنه في زمن الأبراج العليا لا زال هناك أكواخ ودور صفيح في العالم التاسع، واسمحوا لي أن أقول تاسع أو أيا كان ترتيبه لأنه من المستحيل أن يكون ثالثا ولا حتى رابع، فواقع الحال يدل ربما على الترتيب المائة بعد الألف من دون مبالغة، فعندما قامت الثورات وأصبحت العدوى تنتقل من بلد إلى آخر وبدأ العد التنازلي لإنهاء الفصل الأخير من المسرحية الهزلية التي يعيشها عالمنا العربي، استبشرت خيرا لكني حافظت مع ذلك على قلقي المستديم اتجاه  ما يحدث، وقلت مع نفسي سأنتظر الحلقة الاخيرة لنرى النتائج، ويبدو أن قلقي كان له الغلبة على استبشاري، حينما بدأ يتجلى بوضوح أن هناك مشاريع لأجزاء طويلة من التماطل في حسم الأمور، ومع أن الظالم بيَن والمظلوم بيَن والحق واضح وضوح الشمس، تجد أن التأجيل يليه التأجيل، وتحولت المسرحية العربية الهزلية كلها إلى مسلسل تركي لا تبدو له نهاية ولا يعرف له بطل، كلنا تأمَلنا الكثير حينما سقطت بعض الأنظمة الفاسدة، وانتظرنا الإصلاح وانتظرنا الإفراج عن أحلام المواطن، الأحلام التي كانت معتقلة بتهمة الطموح إلى التغيير، وانتظرنا أن يشفى إعلامنا من صمه وبكمه، ومسحه لصفحته الصفراء، لبداية صفحة بيضاء مع الحقيقة والرأي وكشف المستور بكل مصداقية، وسنبقى ننتظر فقط لأن الكل يريد وقتا لتتضح الصورة، أنا لا أفهم لعبة السياسة أبدا لكني كأي جاهل أريد أن أعرف لما لم تقم انتخابات لحد الآن للإعلان عن رئيس وتشكيل حكومات جديدة في كل البلدان التي سقطعت أنظمتها، لما ليست هناك أسماء محددة لشغل المناصب الشاغرة لتسيير تلك الدول، لما لازات الفتنة في الشوارع ولصالح من تصب هده العشوائية في حسم الأمور، لما لازال جانب يشرق والآخر يغرب، ولا وجود لرأي قار وموحد ففي النتيجة الهدف واحد والمصلحة واحدة، اعذروا جهلي لكن ألم يكن من الأفضل البحث عن رئيس وحكومة قبل أي إصلاح، وهل يمكن إصلاح الهرم من قمته بدل سفحه، وأين هو التغيير الموعود في ظل الفوضى القائمة على أشدها، أم أن كل ما كان يهمنا هو إزالة القصر، أنا من وجهة نظري تلك كانت مجرد مرحلة من مراحل التغيير المرجوة ومن الأفضل أن نقلب الصفحة للتجديد والتجديد لن يأتي إلا بالوقوف وقفة رجل واحد وشد الساعد بالساعد حتى لا يضيع الهدف الأساسي فالنظام الفاسد رحل ورحلت معه أيامه وقصوره ولياليه الحمراء وكل ألوانه المبهرة وفهم أخيرا أن الصاد تستبدل باء شاء أم أبى.

هناك تعليقان (2):

  1. اتمني لك التوفيق و الاستمرار ... و لاكن اول مشترك بمدونتك :)

    ردحذف
  2. لك شكري على كلماتك الطيبة

    صحيح انك اول مشارك بما أني لازلت جديدة في عالم المدونات

    وهذا من دواعي سروري وشرف كبير لي

    تحياتي

    ردحذف